في قاعدة السهول الغربية وعلى ضفة نهر وادي سبو، تقع مدينة القنيطرة على مسافة 12 كلم من المحيط الأطلسي، تبعد عن العاصمة الرباط بحوالي 45 كلم، وهي صلة وصل بين الشمال والجنوب وبين غرب المملكة وشرقها، تربطها بمختلف مناطق البلاد سكك حديدية وطرق وطنية رئيسية.
إن موقعها المتميز خول لها أن تكون عاصمة جهة الغرب المتميزة بجودة تربتها وغزارة مياهها واعتدال مناخها .
عرفت مدينة القنيطرة في السنوات الأخيرة قفزة نوعية في نموها الديمغرافي لعوامل متعددة منها الهجرة القروية التماسا للعمل وآخرون ضمن التنقلات البشرية العادية، أما الجالية الأجنبية فقد تقلصت بشكل ملحوظ. .
إن تنوع سكان مدينة القنيطرة أدى بطبيعة الحال إلى تنوع عاداتهم وتقاليدهم إلا أن عامل الدين وعلاقة المصاهرة والتعامل في إطار اجتماعي وحدت بينهم، ومن الطبيعي فإن تزايد سكان مدينة القنيطرة أدى تلقائيا إلى اتساع رقعتها الترابية مما أدى إلى إعداد تصاميم مديرية للمدينة متتالية منذ سنة 1914م ، اتساع رقعة المدينة والنمو الديمغرافي المضطرد أدى بشكل طبيعي إلى تزايد وتعاظم حاجيات المواطنين على كافة المستويات .
--- لمحة تاريخية موجزة عن نشأة مدينة القنيطرة وبدايـة مسار تطورها ---
غني عن البيان القول بأن مدينة القنيطرة تعتبر من كبريات المدن المغربية وأهمها على الإطــلاق في الشمال الغربي للمملكــة .
هذه المدينة التي تقع على الضفة الجنوبية لنهر سبو على بعد 12 كلم من المصب بالمحيط الأطلسي عند مصطاف المهدية ، وفي ملتقى الطرق التجارية الرئيسية والهامة الرابطة بين مدن شرق و شمال المملكة ووسطها ( فاس ، مكناس ، تطوان ، طنجة ، الرباط والدار البيضاء ) تعتبر في نشأتها حديثة العهد جدا ، شأنها في ذلك شأن العاصمة الإقتصادية وخلافا للمدن الأخرى على سبيل المقارنة .
فتاريخ مدينة القنيطرة ، في حد ذاتها لا يتعدى 120 سنة ، وإن كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بقصبة المهدية التي يرجع تاريخ بنائها إلى القرن السادس قبل الميلاد على يد " حانون القرطاجي " الذي أقامها فوق هضبة صخريـــة عـنــد مصــب نهــر سبــو علــى أنـقـــاض مدينة " تيماتريا " .
كما كانت تسمى " حلق المعمورة " و " حلق سبو " وعرفت الإحتلالين البرتغالي سنة 1515 والإسباني سنة 1614 ، وتمكن السلطان العلوي المجاهد المولى إسماعيل من تحرير القلعة سنة 1681.
وعند اجتياح الاستعمار الفرنسي و دخول الحماية سنة 1912 قرر المقيم العام الجنرال ليوطي بناء الميناء قرب القصبة التي أقيمت سنة 1895 لإقامة حامية عسكرية وبالقرب من القنطرة التي أقامها القائد المخزني علي أوعدي منذ أواخر القرن 17 والتي دمرتها السلطات الاستعمارية سنة 1928 .
ويعتبر صدور قرار الإقامة العامة في فاتح يناير 1913 ، والذي تم بموجبه فتح ميناء القنيطرة النهري للملاحة التجارية منعطفا حاسما في تقوية وتعاظم دور مدينة القنيطرة واتساع
نفوذها ومجال إشعاعها . وقد كان دور هذا الميناء مقتصرا على النشاط العسكري حيث كان يتم به إنزال القوات الاستعمارية والعتاد العسكري والمؤونة والمواد المختلفة وإرسالها إلى داخل البلاد في اتجاه فاس والمناطق المجاورة مرورا بالطرق المخزنية التقليدية وذلك من أجل إخماد الإنتفاضات الشعبية الرافضة للاحتلال .
وعلاقة بهذه التحولات الاقتصادية المهمة توافدت على هذه المدينة الفتية أعداد وأفواج هائلة من السكان المغاربة من كل مناطق المملكة وبالأخص من جهة الغرب الشراردة بني احسن الحالية ، وهو الأمر الذي ساهم في النمو الديموغرافي الكبير الذي عرفته مدينة القنيطرة وفي توسع مجالها العمراني والحضري كما جذبت هذه المدينة جحافل الأوروبيين والمعمرين .وفي إطار سياسة الميز والتفرقة العنصرية التي هي من صميم السياسة الاستعمارية فقد عملت سلطات الحماية الفرنسية ، خاصة بعد إنشاء اللجنة البلدية أواخر سنة 1914 ، على تقسيم المجال الحضري لمدينة القنيطرة إلى ثلاثة أقسام كبرى وهي :
التجزئة العسكرية وهي خاصة بالمصالح والمرافق العسكرية .
المدينـة العــصريـة الخاصة بـالأوربييـن وتـضم أيضا حي : "فــال فلـــوري" و "حـي المستعجــل"
ثم الأحياء السكنية الخاصة بالسكان المغاربة الذين يطلق عليهم إسم " الأهالي " وهي أحياء تنعدم أو تفتقر إلى البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية وتنتشر بها أهم دور الصفيح والتي تعرضت في جزء منها لحريق مهول سنة 1946 .
وعرفت القنيطرة كذلك باسم حلالة Margueurite و هي نبتة تورق زهرة صفراء اللون كانت تغطي أكثر مساحات المدينة قبل تعميرها و هذه الزهرة صفراء اللون كانت تستعمل بعد تصفيفها في تشييد النوايل(جمع نوالة و هي نوع من السكن أصله من إفريقيا السوداء ظهر مع حلول الجيوش السينغالية إبان الحرب العالمية الأولى ( 1914-1918)) حيث بدأ السكان المحليون ( مهداوة، حدادة، أولاد أوجيه، الساكنية، اولاد برجال، الزهانة، المكاديد، النخاخصة، الشليحات، البوشتيين)، الذين كانوا يسكنون الخيام المنسوجة يقلدون الأفارقة في تشييد هذا النوع من السكن التي سيحل محلها دور الصفيح فيما بعد.